" غداً سآخذ بثأري "
للأستاذة : أم السعد أدريس ( مديرة مركز التدريب الأول بجدة )
وإلى أي زاوية كئيبة ستنعطف بنا تلك المشاهد ؟؟؟
وهل مجرد نشر تلك المشاهد وتداولها سيحل المشكلة ؟
أم أنه سيغري بعض ضعاف النفوس للتقليد الأعمى مما يفاقمها ويزيد الأمر سوءاً ؟
وقلت لنفسي .. قد تكون بداية القصة من (معلم) يدرس الصغار ؛ ربما ينقصه التأهيل الكافي للتعامل مع متطلبات مرحلة نموهم ، أولم يحسن إدارة ضغوط الحياة والعمل ، ففقد أعصابه وعنف طالباً دون أن يلقي بالاً لعواقب ذلك الأمر..
قد يبكى ذلك الطفل الضعيف أمام سطوة المعلم وجبروته ، وربما يكتم مشاعره وغليانه الداخلي ولا يخبر أهله بما تعرض له من تعنيف شعر فيه بالإهانة والتحقير أمام زملائه ..
وفي الحالتين يتوقع أن تتكون بداخله جذوة رغبة عميقة في الانتقام من كل (معلم) ، فالمعلم أصبح في نظره مثالاً للقسوة والظلم والاستبداد..
ولا يستبعد أن يردد بينه وبين نفسه (غداً سأكبر ويشتد عودي ولن يقدر أحد على النيل مني ولا حتى بكلمة .. غداً سآخذ بثأري)
وتمر الأيام .. ويكبر ذلك الطفل دون أن يتلقى جرعات تربوية كافية ترسخ فيه مبادئ وقواعد هامة مثل (لا تزر وازرة وزر أخرى) و(ليس منا من لم يوقر كبيرنا) و(قم للمعلم وفه التبجيل) ..وفي المقابل تكبر جذوة الانتقام الكامنة تلك وتنمو معه كلما نما جسدياً .
فإذا ما اشتد عوده ؛ وواجه معلماً يذكره بذلك المعلم االمستبد (من وجهة نظره) ؛ تتفجر رغبة الانتقام الكامنة بداخله ويبدأ في الثأر لنفسه بدون وعي أو أدنى تفكير في العواقب.
وكأن القصة بدأت بالمعلم وبه انتهت .. ولا غرابة فالمعلم هو من يغرس وهو أول من يتلقى ثمرة باكورة الحصاد .
وربما تكتمل الدورة لتعود لنقطة البدء .. فقد يصبح ذلك الطفل المعنف معلماً ، وإن لم يقابل خلال رحلة تعلمه نموذجاً (للمعلم القدوة) ؛ فمن المتوقع أن يعنف هو بدوره طلابه ، فهو لم ير غير ذلك النموذج ، وربما استقر في ذهنه أن قوة الشخصية لا تكون إلا (بالذراع) .
وأياً كان سيناريو سبب العنف ؛ فالنتيجة قاسية (معلم يعنف.. وطالب يعتدي) والأثر يطال المجتمع بل الوطن بأسره..
فليتنا نقضي على الأسباب لتتحسن النتائج ..ولا تتكرر دورة العنف بين الطالب والمعلم فنصبح كمن يدور في حلقة مفرغة.
وليتنا ننادي جميعاً ..
يا قادة التعليم .. أحسنوا تأهيل المعلم وحفزوه بكل الطرق المتاحة و أعينوه على إدارة الضغوط الواقعة على كاهله ؛ فهو صانع العقول وملهم مستقبل الأمة.
يا معلمو الناشئة على وجه الخصوص .. ارحموا الصغار واغرسوا في دواخلهم جذوة الإبداع والتميز ، وأعدوهم لتحمل مسئولية بناء الوطن ، ولا تحملوهم أبداً تبعات معاناتكم.
يا مربوا الأجيال ـ بما فيهم الآباء ـ .. ركزوا على غرس وتثبيت القيم فهي من أقوى دعائم البنية التحتية لصلاح الأفراد ومن ثم المجتمعات.
و يا أيها الأبناء .. وقروا الكبير ، ولا تحملوا أحداً وزر أحد ، وتذكروا أن الانتقام سلاح يصيب حامله أولاً .. وتسلحوا بالعلم وتجملوا بالقيم فالوطن يتطلع لأن يراكم من أهل الهمم الجادين في السير نحو القمم .
0 التعليقات:
إرسال تعليق
أسعدنا بتعليقك